
مع استمرار الحصار الإسرائيلي الخانق على قطاع غزة وتصاعد الكارثة الإنسانية يوماً بعد يوم. أصبحت المواد الغذائية الأساسية مثل الطحين عملة نادرة، وسط محاولات حثيثة من الجهات الإغاثية لتوفير الحد الأدنى من احتياجات السكان المنكوبين. ويبرز في قلب هذه الأزمة سؤال ملح: كيف يتم توزيع الطحين على سكان غزة؟ وكيف يتمكن الناس من الحصول على أبسط حقوقهم في الغذاء؟
آلية توزيع الطحين في غزة: بين الطوارئ والانتقاء
بدأت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” توزيع كميات محدودة من الطحين بشكل طارئ في قطاع غزة. ووفقاً للمعلومات الميدانية، يحصل كل مندوب على كمية محددة من الطحين ليقوم بتوزيعها مباشرة على العائلات التي تضم 10 أفراد فأكثر. وهي الفئة التي تم اعتمادها كأولوية نظراً لضخامة احتياجاتها.
هذا التوزيع لا يتم عبر مراكز مخصصة أو نقاط تجمع كبيرة كما كان الحال سابقاً. بل يعتمد على التوصيل المباشر من خلال المندوبين إلى أماكن تواجد العائلات في المنازل أو مراكز الإيواء. وذلك لتفادي الازدحام والتدافع في ظل الوضع الأمني الهش. وفي حين أن هذه الخطوة تخفف الضغط على النقاط المركزية. إلا أنها في المقابل تقصي العائلات الصغيرة من الاستفادة، حتى لو كانت تعيش نفس الظروف القاسية.
الجمعيات الخيرية تتدخل ولكن الإمكانيات محدودة
لم تقف المبادرات الإنسانية عند الأونروا وحدها، بل انضمت إليها جمعيات محلية مثل جمعية البركة وجمعية دار البر. واللتان باشرتا في توزيع الطحين أيضا على نطاق أوسع نسبياً، مع محاولة شمول الفئات المهمشة التي لم تستفد من برنامج الأونروا. كما قامت هذه الجمعيات بتوفير أفران طينية داخل بعض مراكز الإيواء والنازحين. حيث يتم خبز الخبز وتوزيعه على المتضررين الذين لا يمتلكون وسائل لإعداده في منازلهم المدمرة أو المخيمات العشوائية.
ورغم تلك الجهود، فإن حجم الطلب يفوق بكثير حجم المعروض. الطحين شبه منعدم في الأسواق المحلية، مما دفع السكان للاعتماد بشكل شبه كامل على المساعدات. ومع ندرة السلعة. ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، وأصبح تأمين كيس طحين أو كيلو أرز مهمة شبه مستحيلة، خاصة للعائلات التي فقدت مصادر دخلها.
الكثير من الأسر باتت تعيش على فتات الخبز إن وجد، أو تقسم الرغيف الواحد بين عدد كبير من الأفراد، بينما اضطر آخرون للبحث عن بدائل مثل طهي الأرز المتبقي أو حتى صيد السلاحف في بعض المناطق الساحلية كمصدر للبروتين.
فالحصار لم يؤثر فقط على المواد الغذائية، بل تسبب بشلل تام في الاقتصاد المحلي، وأوقف عجلة الحياة. كثير من السكان أصبحوا يعيشون بلا كهرباء، بلا مياه نظيفة، وبلا دخل، معتمدين فقط على ما تجود به منظمات الإغاثة. وفي ظل عدم وجود خطة توزيع شاملة تغطي الجميع، تبقى كثير من العائلات محرومة من أدنى مقومات الصمود.
في النهاية
الوضع في غزة يتجاوز الكارثة الإنسانية، وما يحدث حالياً من توزيع محدود للطحين لا يوازي حجم المأساة التي يمر بها أكثر من مليوني فلسطيني تحت الحصار. ورغم الجهود المبذولة، فإن المطلوب اليوم هو خطة طوارئ دولية متكاملة تضمن وصول الغذاء بشكل منظم، شامل وعادل لكل من يحتاج، بعيداً عن معايير الاستثناء والاستهداف.
إقرأ أيضا
خطة أمريكية جديدة لتوزيع المساعدات في غزة: هل تنقذ الأرواح أم تعمق الأزمة؟
رابط التسجيل للحصول على مساعدات نقدية 1000 شيكل من اليونيسف
طريقة التسجيل للحصول على مساعدات الطحين المقدمة من برنامج الأغذية العالمي